قصص

قصه الماضي ( كامله)

الماضي
١
رجعنا تاني مع حكاوي ميري، تحديدا مع شادي أنيس والونيس الخاص بيه، الجزء ده ممكن ميتخيلوش عقلك، ده لأن الأحداث فعلا صعبه، لكن في النهاية ده واقع عاشة شادي أنيس مع سلسلة ملعونة، وسيدة متوحشة، وونيس لم يتركه أبدا.
بدأ يغمى عليا واحده واحده، كنت حاسس وقتها ان الأرض بتتشق وتبلعني، منها لقيت نفسي في الشقة.. شقة مش غريبة عليا بتفاصيلها، ومش بس تفاصيلها، لكن كمان موقف انا عيشته في المكان ده، ده لأن الشقة دي تبقى الشقة اللي اتولدت واتربيت فيها.. شقة أبويا.. ابويا الل كان قاعد في الأوضة المعتادة اللي بيشرب فيها الخمرة، وبيلف فيها الحشيش قال يعني بيلف همومة، وزي مانا كنت متوقع لقيت ابويا بيتخانق مع صحابه بعد لفة قمار خسر فيها فلوس مش هتكفي الملاليم اللي في جيبة، وده لأنه كان معتمد انه المره دي بالذات هيكسب بعد الف مره خسر فيها، لكن في النهاية وزي كل مره، اتضرب.. لكن نوع الحشيش اللي كان بيجيبوا ابويا كان بيشد اللي معاه انهم يجولوا كل مره، ده بالرغم انهم عارفين اللي فيها وانه نصاب…
الخناقة انتهت المره دي على إن الناس اللي مع ابويا سابوا ومشيوا بدون أي أضرار، وبعد نزولهم من الشقة، ابويا كان قاعد لوحده بيكلم نفسه، دموعه كانت بتنزل من عينه وكان باصص للسلسلة اللي في ايده، لكنه سرعان ما تدارك اللحظة العاطفية دي وحط السلسة مره تانية في جيبة، بعدها مسك الازازة اللي مليانه كحوليات وبدأ يشرب فيها بكل شراهة.
لكن الباب وقتها بدأ يفتح تدريجيًا، واللي كان بيخش من الباب ده شخص عمري ماكنت اتوقعة.. الشخص ده كان انا، عيني كان باين عليها الغضب، جريت على نفسي التانية عشان احاول اوقفها، لكنها كانت زي الهواء قدامي، أكني في سينما 3d
بتفرج على فيلم مش ممتع للعين اطلاقا، ده لأني بدأت اتخانق مع ابويا بمجرد دخولي من الباب:
-انت ايه يا أخي؟… مش بتحرم أبدا!!، دايما كده بتاخد كل حاجه غالية عندي؟
طب حتى يا أخي كنت سيبتلي أغلى حاجه شوفتها بحياتي، الحاجه الوحيدة اللي كانت بتصبرني على قلة القيمة اللي كنت معيشنا فيها، ومع ذلك أقنعتني بوهم كبير السنين اللي فاتت، وهم أنا ذات نفسي صدقته وبتصديقي ده ساعدتك تنجح بمحل الجملة.. المحل اللي انت خربته بعد ما نزلت الجيش بظرف كام شهر بس عشان الزفت اللي بتلعبه ده غير الزفت اللي بتشربه.
رد ابويا وقتها عليا وقال وهو سكران:
-هو ايييه؟.. انت مالك كده داخل فيا شمال يابن انيس، ده انا اللي مربيك ياض.. ده لولايا ماكنتش هتبقى موجود في الدنيا.
طلعت فيه زي القطر وقولت:
-ياريت، ياريت ماكنتش وعيت على الدنيا في بيت موجود فيه جرادة زيك بتبوظ كل حاجه حلوه في حياتي.
-عايز ايه مني دلوقتي يابن انيس قول؟
-عايزك تموت قدامي، عايزك تموت زي ما موت أغلى حاجه عندي.
في اللحظة دي ابويا قام من مكانه ودخل اوضة النوم، بعدها فتح الدرج ببطئ وايده بترتعش والدمعة نازلة من عينه، طلع حاجه من الدرج كنت ملاحظ انها تقيلة على واحد في سنة، الشيء ده كان المسدس القديم اللي عندنا، بعدها خرج من الأوضة وقعد على الأرض، ركن المسدس قصاده وطلع السلسلة من جيبة، بدأ يبص للسلسلة والدموع نازلة من عينه:
-أنا أسف، بس انتي اللي خليتيني أعمل كده، انتي اجبرتيني اني اتصرف تصرف مش في محله، وده كله ليه، وعشان ايه، كنتي تسيبيني وتهربي، أنا اللي قولتلك، لكنك كان عندك أمل، وأدي الأمل مات، مات ومعاه قلبي.
مسك المسدس بكل استسلام وضرب نفسه بالنار، جريت عليه وقتها حاولت ألحقه بأي طريقة وأنا بصرخ، لكني كنت وقعت في حفرة لقيت هدومي كلها اتملت رملة، الدموع كان نازلة من عيني وبتنقط على رملة.. رفعت عيني لقيتني وسط الصحراء، وكان واقف قصادي وقتها الست المرعبة، اما اللي جنبها كان ونيسي، كانو باصيين ليا بنظرات إتهام قادر أميزها وسط الضلمة، لكني معملتش حاجه، هو اللي قتل نفسه.
الجرأة أخدتني وقتها واتعصبت وانا بقول:
-اكيد كل اللي حصل ده مش حقيقي، انتو السبب في كل ده، انا شوفتكوا وانتو بتقتلوا، لكن كل اللي شوفته ده مش حقيقي.
الست اتكلمت وضوء القمر كان مبين الدمعة اللي نازلة من عنيها وقالت:
-ممكن يبقى اللي انت فيه مش حقيقي، لكن في بعض الحاجات اللي محتاجه التصديق.
بعدها ونيسي اتكلم بصوته المرعب:
-رحلتك اوشكت على النهاية، احنا الوسيلة.
جريت، مسمعتش ولا كلمة تاني وأنا في طريقي للكمين من الرعب، جريت وانا متأكد ان كل اللي بيحصل ده مش حقيقي بالمره، وانا متأكد مليون في المية انهم بيتلاعبوا بعقلي، ده اذا كان باقي من عقلي القليل.
أول ما وصلت الكمين دورت على عبد الفتاح، لكنه هو اللي كان منتظرني وهو واقف بيدو عليا وبيقول:
-ايه يابني، انت زعقت فيا وخليتني امشي ليه!!.. انا خوفت منك يا شادي وجريت، انت كان شكلك مرعب وكنت معلي صوتك على الأخر أكن في حد بيتكلم عنك.
اتعصبت وقولت بتعجب:
-انا قولتلك امشي!!.. ولا انت زي الجبان جريت من هناك اول ما شوفتهم!!
-شوفت ايه وبتاع ايه يابني انت مجنون، انا وانت كنا واقفين على التلة، وفجأة لقيتك بتتعصب عليا وبتقولي امشي من هنا دلوقتي، فخدت بعضي ومشيت لأن كلامك كان بيجرح، بالذات انك هددتني باللي حصل مع البدو، ولولا انك صاحبي كنت..
قاطعته وقولت:
-كنت ايه، قولي كنت ايه؟
-ماكنتش يا سيدي، المهم انك بخير.
كملت كلامي بنفس العصبية وقولت:
-لا مش كويس، وعمري ما هبقى كويس باللي انا بشوفوا ده، اكيد كل ده جنون.. اكيد انت شوفتهم، مستحيل اللي بيحصل ده، أنا متأكد إن كله من محض خيالي و بس، انت فاهم يعني ايه قتلوه وعايزين يلبسوهالي.
ضحكت وقتها بهسترية وقولت:
-اكيد كل اللي بيحصل ده مقلب صح، فيلم بتعملة عليا.
بدأت أعيط بشكل هستيري وقولت:
-انا بموت يا عبد الفتاح، أرجوك انقذني من كل اللي انا فيه، هما عايزين يجننوني انا متأكد، هما عايزين يخدوا أحلى حاجه انا عايش عليها، عايزين يخدوا امي كمان.
بدأت احس اني دايخ، وقعت على الأرض وانا سامع عبد الفتاح بيقول بصدمة:
-شادي، مالك يا شادي، انت كويس يا صاحبي؟
ودي اخر جملة سمعتها قبل ماغيب عن الوعي، صحيت مره تاني وانا في مستشفى الطور وسامع الدكتور بيقول لعبد الفتاح:
-الوضع ميطمنش نهائي، صاحبك داخل في صدمة، وده نتيجته موت ابوه زي مانت قولت.. انا شايف انه لازم ياخد أجازة وينزل القاهرة.
-تمام يا دكتور، انا هكلم القائد وهحاول أشوف صرفه للموضوع ده.
الدكتور مشي وعبد الفتاح فضل قاعد وهو باصصلي وبيقول:
-وبعدين يا صاحبي، ايه اللي انت مخبيه خلى يحصل فيك ده كله!
قومت من على السرير وقتها وأنا مرعوب، كنت حاسس ان جسمي كله بيرتجف، عبد الفتاح حاول يقعدني لكني رفضت، بل وأصريت اني انزل القاهرة وحالا، وده اللي حصل فعلا، لأني خدت بعضي ونزلت القاهرة من غير حتى شنطة هدومي، حسيت ان هو ده الصح في وسط غلط كبير بيحصل.
بعد 12 ساعة طريق وصلت اخيرا للقاهرة، تحديدا الشقة اللي اتربيت فيها.. شقة أبويا، أول ما فتحت باب الشقة لقيت المكان كله مكركب، كنت سامع وقتها صوت جي من الأوضة الملعونة اللي كانت سبب في كل اللي بيحصل، الاوضة اللي ابويا كان بيشرب فيها الزفت هو وصحابه.
فتحت وقتها نور الأوضة أشوف مين جوه، المرعب ان اللي كان موجود ابويا.. ابويا اللي متوفي من حوالي اسبوع، كان قاعد بيشرب زي ماهو متعود، لكن المره دي كان وشه متحلل، عضم من وشه باين، اكنه جي من التربة على الشقة يقضي ليلة الخميس المعتادة بتاعته، في اللحظة دي من الرعب حاولت افتح باب الشقة لكنه كان متربس، أبويا أو المسخ اللي قصادي بدأ يقرب مني وهو بيقول:
-ليه يا شادي، ليه تقتلني!.. هي السبب، هي اللي خليتني اعمل فيها كده.
ماكنتش عارف أنطق اقول ايه، كنت برجع خطوة بتجيب التانية لغاية ما وصلت لحيطة سد، حيطة جنبها اوضة النوم الخاصة بيا، المسخ اللي قصادي كان بيني وبينه خطوات، لكن في النهاية قدرت اني افتح باب الأوضة بسرعة، من بعدها دخلت وقفلت الباب ورايا، كنت سامع صوت حشرجة لواحد بيموت بره، لكني وقعت على الأرض قعدت أبكى واصرخ واقول:
-كفايه، ارجوكم كفايه.
ظهر وقتها من وسط ظلال الأوضة كائن مرعب، الكائن ده كان ونيسي، كان بيحذرني ويطالبني بالهروب من المكان بأسرع وقت، وده اللي عملته بالفعل لما خدت بعضي وجريت، فتحت باب الأوضة وخبطت المسخ اللي كان واقف، بعدها كسرت الباب وجريت على الدكان، الدكان المكان الوحيد اللي هيتاويني الليلة.
اول ما وصلت الدكان وفتحته اصريت اسيب بابه مفتوح، ده لأني ماكنتش متطمن لأي حاجه ممكن تحصل في الليلة دي، بالذات بعد كل اللي حصل أخر يومين، وقتها تليفوني رن، اللي كان بيرن ده يبقى عبد الفتاح، رفضت أرد لأني عارف الكلام اللي هيتقال لي، لكن بعدها بلحظات لقيته بعتلي مسدج كاتب فيها ان القائد وافق على اجازتي بعد تقرير الدكتور، وطلب مني اطمنه عليا، قفلت التليفون وانا قاعد على كرسي ببكي، عمال استعيد ذكريات قديمة، كنت شايف قصادي ذكريات ومشاعر كتير، مشاهد مؤلمة في مشاعرها لكن مش واضحه، اكنه تلفزيون شغال صوت بس والشاشة بتوش، صرخت بصوت عالي بسبب الألم اللي جوايا وقولت:
-اطلع من دماغي، انت عايز مني ايه تاااااني.
طلع من دماغي فعلا لما لقيت ضوء طالع من راسي ومتجه ناحية.
تتبع.
الماضي
٢
صرخت بصوت عالي بسبب الألم اللي جوايا وقولت:
-اطلع من دماغي، انت عايز مني ايه تاااااني.
طلع من دماغي فعلا لما لقيت ضوء طالع من راسي ومتجه ناحية باب الدكان، الباب اتغير وبقى شبيه لباب الشقة ب الضبط الفرق انه كان لونه أسود داكن، لون أول مره أشوفه، بيشعر الواحد بالأكتئاب، قومت ناحية الباب وحطيت ايدي على الأكرة، حسيت بكهرباء خفيفة ضربت دماغي بالتحديد، بتلقائية الباب اتفتح من غير ما أشده، الشقة كلها كانت بنفس اللون الأسود المطفي، قلبي كان مقبوض، كنت منتظر شبح أبويا يظهر من العدم زي كل مره، والمره دي ينجح انه يتخلص مني ويقتلني، راحه رهيبة هعيش فيها لو حصل كده، لأن التعب اللي جوايا كان أصعب من إن انسان يعيش في ذنب مرتكبوش.
على عكس ماكنت متوقع لقيت أبويا حي، كنت لسه هجري عليه أبوس ايده بمشاعر متضاربه، لكن جسمي اتحول لروبوت، كل اللي كنت بعمله اني بمشي بخطوات ثابتة للأوضة، ابويا كان قاعد بيشرب ومبسوط أخر انبساط، اما انا مشاعر العبوث كانت على وشي، وده كان واضح من صوتي لما نطقت أكن في حد عمل كده عني:
-اقعد انت كده اشرب في خمره، انما انا بقى أولع، أموت… المهم أجبلك فلوس وخلاص، مش ده اللي انت عايزه؟
لقيته بيمد ليا ازازة وبيقول:
-خد بس جرب وانت هتفهم قصدي.
رديت بعصبية:
-اجرب ايه يا ابويا!!.. انا عمري ما هرجع للزفت ده تاني، ده انا ما صدقت أبطله بعد عذاب، تقوم انت ترجعني لي بإيدك، ويا عالم بقى مين هيجبلنا فلوس عشان تغطى مصاريف الزفت ده.
قفل الازازة ودحرجها ليا ببطيء شديد، عينه كانت في عيني وهو مبتسم، أكنه بيقولي دا النوع ده اللي كنت بتحبه، جرب مش هتخسر حاجه.
في الحقيقة أنا كنت مستني اللي يشجعني فعلا، مكدبتش خبر الا وخدت الأزازة وفضلت أشرب، حسيت وقتها اني قاعد وسط بركة ماية جواها سمك بيلعب، شعور ممتع، اكن حاجه بتعملك مساچ خصوصي، اما بقى لما ابويا مدلي سيجارة الحشيش اللي في ايده وشديت نفس، حسيت اني شديت عربية نقل بتشيل وزن طنين بدراع واحد، عرفت وقتها ان النوع ده من ديلر تقيل، مفيش غيره.. هو الواد حموكشة ابن صالح الزبال، ابوه مات وهو بيشد نفس النفس، من كتر ماهو كان غلبان افتكرها سيجارة اعشاب سحرية، هتعالج الأتب اللي عنده من سنين بسبب شيل زبالة ناس ميفرقوش عنها كتير.
كنت فرحان وقتها، مشاعري كانت متضاربه، مبتسم لأبويا أكني طفل عندي سنتين عمال يقول:
-بابا جه، بابا جه.
لكن شعوري اني عيشت اللحظة دي قبل كده كان ملازمني، بالذات لما بدأت أشوف ست ماشيه في الصالة، كانت واقفة بتبكي، فقولت لأبويا:
-هي مالها الست دي بتعيط ليه يا حاج؟
قال بصوت غليظ:
-ست نكدية، بتقول الحشيش حرام.
كمل بضحك وقال:
-ماكنش أكله المعيز لو حرام، ما كله حشيش يا ابن انيس.
ضحكت معاه بشكل هستيري وقولت:
-حشيش، انيس.. دماغك دي ولا سم يا حاج.
بعدها ابويا قلب وشه وقال:
-بس عارف اللي يغيظ يابن انيس ايه؟
-ايه يا حاج؟
لقيته شاور بالسيجارة على الست اللي واقفة وقال:
-ان الست اللي واقفة دي قتلتها مره قبل كده، بس كل مره كانت بتظهرلي، مش راضية تختفي عن بالي ابدا.
ضحكت وقولت:
-هي ايه اللي قتلتها يا حاج، حشيش حموكشة رايق، بس مش بالروقان ده، بيقول الودان ليها حيطان يا حاج.
-ودان ليها حيطان ايه يا مخبول، اسمها الحيطان ليها ديدان.
-مش هنختلف يا حاج، بس ايه حكاية الوليه دي؟
طفى السيجارة، بعدها قعد يتأمل في الست اللي واقفة، واللي كانت مش بتتحرك ولا بتدي أي ريأكشن، واقفة مش بتنطق ولا كلمة، بالعكس كانت بتبكي وبس، بعدها نطق أبويا وقال:
-كنت متجوز ست نكدية، شايفه دايما ان انا بفسدك، وهي مش عارفه ان انا بكده بصلح حالك، احسن ماتتجوز واحده زيها، وفي ليلة يابني منعتني عن جرعة كل يوم، زمايلي كانوا جايينلي عشان نقضي ليلتنا زي كل ليلة خميس، لكنها وقفت قصادي، ماكنش قصادي غير اللي حصل، اللي حصل كان….
-كان ايه يا حاج بس، ده انت دماغك عالية أوي.
-كان موتها، بعدها هربت، نزلت الشارع زي المجنون، اشتريت جبنه رومي من اول الناصية بعدها قابلت زمايلي، طلعت الشقة اكني معرفش حاجه، لقيناها جثة هامدة قصادنا، وابني كان قاعد بيبكي، اتاريه كان نايم في الأوضة اللي جوه.
دموعي نزلت من عيني وقولت:
-فكرتني بأمي يا حاج، كنت نايم في الأوضة وبعدها سمعت صوت حشرجة، طلعت جري لقيت امي جثة قصادي، وراجل غريب بيجري على باب السلم، كان حرامي، سرق من امي دهبها وهرب، ابويا رجع من تحت وانا قاعد بعيط، اترميت في حضنة وهو كان ضعيف وقتها، لأول مره كنت أشوف دموعه على عينه من سنين، الشرطه وصلت والقضية اتقفلت، محدش قدر يعرف مين المجرم ده، بالذات ان البيت كله كان فاضي يومها، اما أبويا فحالة اتعدل فتره، لغاية ما رجع تاني للي بيعمله.
بدأت اجمع الكلام اللي بقولوا وقتها وقولت:
-لحظة واحده، انت اللي قتلت امي؟.. انت السبب في كل اللي حصل؟.. ماهو ابويا ده يبقى انت.. انت اللي قاعد قصادي بأقل من نص متر دلوقتي.
اتجهت ناحية أبويا وانا دمي بيفور، بصرخ في وشه وبقول:
-قتلتها عشان عايزه تصلح حالك؟.. خليتني السنين دي كلها بتعالج وانت اصلا السبب!!.. والسلسلة، السلسلة دي كانت بتاعة امي!!!
مالحقتش أسمع الرد، لأن ازاز الشيشة كان كسر دماغي واغمى عليا، أبويا كان بيحاول يتخلص مني، لكني صحيت مره تاني، مره كنت واعي فيها تماما، كنت حاسس بصداع لكني مش متذكر أي حاجه من اللي حصلت، لكني كنت في الشقة، سامع صوت اتنين بيتخانقوا، ببص أشوف الصوت جي منين لقيته جي من الصالة، ركزت أكتر مع الصوت لقيته صوت أمي وهي بتقول:
-لو مابطلتش اللي بتعمله ده يا أنيس هسيبلك البيت وهمشي، انت فاهم!!
ابويا رد عليها وقال:
-وايه اللي بعمله يعني يا ست أنتي، انا ساكتلك عشان ابنك اللي نايم جوه ده مش اكتر، لكن اكتر من كده انا ممكن اطردك من البيت بكل سهوله، انتي هتنسي نفسك ولا ايه!!
امي بدأت تبكي بحرقة من كلام ابويا الجارح وهي بتقول:
-مش هتصعب عليا تاني، كتير كنت ببررلك اللي انت بتعمله، لكن لحد هنا وبس.
طلعت الصالة أشوف ايه بيحصل، امي كانت بتمسح دموعها وهي بتقول:
-مش هسكت لك تاني، والشقة دي من حقي أنا، ومن حق العيل الغلبان اللي جوه، يعني لو عايز تسيب البيت اتفضل، الباب مفتوح قصادك، من غير مطرود بقى.
ابويا كان بيضحك بهستيرية:
-انتي اتجننتي ولا ايه، البيت ده بيتي، ملكي يعني، اللي مش عاجبه اللي بعمله يتفضل من غير مطرود، أنا كده كده هبقى مبسوط وانا لوحدي، الواحد مش عارف عمل في نفسه كده ليه واتجوز واحده زيك.
من الواضح ان امي كانت فقدت الأمل خلاص، فماكنش قدامها غير أخر كارت، وهي انها تسيب البيت، لكن قبل ما تسيب البيت قالت الكلمة اللي قضت عليها قصادي عيني:
-هسيبلك البيت أنا والغلبان اللي جوه، بس أنسى بقى البضاعة اللي كنت هتصرفها.
ابويا برق فيها وقال:
-بضاعة ايه بالضبط!!
بعدها سكت للحظات وقال:
-اوعي تكون البضاعة اللي في بالي!!.. وديني لا هقتلك.
ابويا محسش بنفسه الا وكان بيخنق في امي وهو بيقول:
-ماتقولي البضاعة فين!!.. لو مرجعتش البضاعة دي لصحابها هتدبح، انتي عارفه تمنها كام!
امي حاولت تتخلص من ايده، لكن ابويا كان اقوى، وامي مقدرتش عليه، بل كانت جثة هامدة قصاد عيني، ماتت.. ماتت بس ابويا مغلبش، ده لأنه سرق دهب امي وحطه تحت بلاطه كان بيشيل فيها الحشيش، من بعدها أخد بعضة وجري على السلم، لكن قبل مايجري وقع حاجه على الأرض برجله، من بعدها أصدر صوت مختلف عن صوت، ومن حسن حظه اني كنت صحيت، بعدها بربع ساعة كان طلع هو صحاب السوء بتوعه، في ظرف ساعة صوت سارينة الشرطة كان بيرن في ودني، كنت طفل صغير سألوني شوفت ايه، وبكل براءة أطفال قولت:
-أنا مشوفتش حاجه، كل اللي شوفته راجل غريب كان بيجري على السلم بعدها بابا وصل، هي ماما هترجع تاني يا عمو؟
وقتها سمعت صوتي جي من اوضة النوم مره تاني وانا بقول:
-هي ماما هترجع تاني يا عمو!
اتجهت للأوضة، فتحت أوكرة الباب لقيتني واقف في الصالة، أبويا كان تحت ايدي بيتوسل ليا اني اسيبه، المسدس كان في ايده وهو بيقول:
-أرجوك يا شادي يابني سامحني، أنا كنت في لحظة ضعف، ولو ماكنتش رجعت الحشيش او حتى تمنه كانوا هيقتلوني.
رديت عليه وانا الدموع في عيني مش راضية تنزل:
-تقوم تخليني أشهد زور في موت أمي، واعيش كل السنين دي مع الراجل اللي قتل أمي يا راجل يا دني!!.. وكل السنين دي أبقى عايش في صدمة مش قادر اخرج منها، ده انا كنت بروح لدكاترة نفسيين من وراك عشان عارف هتقولي ايه لما تعرف، في الأخر أطلع عايش مع القاتل الحقيقي، وده كله بعد سنين بدور على الأنسان القذر اللي قرر يقتل ست غلبانة زي دي، وكل ده ليه عشان حلق، سلسلة، دبلة!!..
الظاهر ان ابويا كان اتخذ قرارة بالفعل، وهو انه شد اجزاء المسدس، بعدها ضرب رصاصة اخترقت دماغه، مات!!.. الحقيقة كنت فخور باللي حصل وقتها، قفلت باب الشقة وحطيت كنبة وراه، دخلت اوضتي وسجلت كل اللي حصل.
اما دلوقتي فانا هخرج من الأوضة دي على الدكان..
بعد ساعات..
انا خالد صالح، ضابط شرطة بقسم السيدة، معانا حالة قتل وحالة انتحار، وده بعد بلاغ من سكان العمارة بعد محاولتهم لفتح الباب الما سمعوا حد بيصرخ في الشقة، وده بعد ماتلم الشارع كله عشان يقدر يفتح الباب، وبعد التحقيق اكتشفنا قتل شادي أنيس عسكري بالجيش لوالدة أنيس، وده بسكينة بعد مجاولة لأستخدام مسدس قديم لكن المحاولات كانت فاشلة، منها قدر الأبن قتل الأب عن طريق الدبح، والانتحار عن طريق ذات السلاح بالدبح أيضا، وده بعد ماعرفنا ان فعلا في سجل مرضي عن شادي أنيس، لكنه لم يتم اكتشافة بسهولة لممارسة العلاج بالخفاء عن طريق دكاترة غير مشهورة.
شادي أنيس، حكاوي ميري، هي ماما ممكن ترجع يا عمو؟
تمت…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى